يصنع الفلسطيني عساف الخرطي من الخردة الحديدية والبلاستيكية مجسمات تساعد أيضا في الحفاظ على البيئة منذ نحو 9 سنوات.
لم تعد عملية الاحتفاظ بقطع الخردة الحديدية المتبقية. من الأجهزة الكهربائية التالفة تشكّل عبئا على الفنان التشكيلي الفلسطيني عساف الخرطي (28 عاما). إذ أصبحت أجزاء من أهم قطعه الفنية.
فمنذ نحو 9 سنوات، يعكف الخرطي على تحويل الخردة الحديدية والبلاستيكية. إلى مجسمات فنية صديقة للبيئة وتعبّر عن قضايا مجتمعية ووطنية معاصرة.
مع بدء صناعته لتلك المجسمات اختفت من منزل الخرطي. في منطقة المغراقة وسط قطاع غزة، صناديق خشبية كان يحتفظ فيها بقطع من الخردة. بعد أن قرر استثمارها في فن “النحت بالخردة”.
كما ساعدته المنطقة التي يقطن بها، وهي ذات طابع ريفي. في بداية رحلته بهذا النوع من الفن، حيث كان يلتقط قطع الخردة التي تُلقى في الشوارع لإعادة تدويرها. عبر فن النحت وحماية البيئة منها.
ويشجع هذا الفن على إعادة تدوير واستخدام الخردة الحديدية بدلا من إتلافها والمساس بالبيئة عبر رميها في الشوارع أو الحاويات.
بداية المشروع
الخرطي، المتخصص في مجال إدارة الأعمال، قال للأناضول إنه بدأ رحلته في الفن التشكيلي كهواية حينما كان طفلا.
وأوضح أنه طوَّر موهبته من خلال المشاركة في دورات وورشات تدريبية، إلى جانب الاعتماد بشكل كبير على جهوده الذاتية.
وأضاف أن له أعمال في مجالات عديدة من الفن المعاصر. منها الرسم والنحت، وشارك في معارض داخلية، لكن لم تتوفر له فرصة للمشاركة في معارض خارج غزة.
وبخصوص النحت بالخردة، قال الخرطي إنه اتجه إليه منذ عام 2015، حيث التحق بورشة فنية تخصصت في صناعة المجسمات بالخردة.
وتابع أنه صنع خلال الورشة أول مجسم حديدي وكان على شكل رأس حصان، ولاقى آنذاك إعجابا وتشجيعا حفزاه على الاستمرار.
وهذا العمل شكّل محطة فارقة في حياة الخرطي، حيث بدأ بتجسيد قضايا مجتمعية ووطنية. عبر صناعة المجسمات من الخردة، وأكد أن تلك الأعمال تساهم في الحفاظ على البيئة، بما فيها من تربة وحيوان. من المخلفات الحديدية الصلبة.
الخردة الحديدية
وفي انطلاقته بهذا المشروع، اعتمد الخرطي على مجموعة من الخردة. كانت تتواجد في منزله حيث استثمرها جميعا في صناعة مجسمات فنية.
وقال إن “العائلات الفلسطينية معروفة باحتفاظها بالخردة أو الأجهزة الكهربائية التالفة.. كنت دائما أراها أمامي لكنني لم أتخيل يوما أن أستخدمها وأطوعها لخدمة الفن وقضايا المجتمع”
بعد ذلك، بدأ الخرطي الانتباه لما هو ملقى في الشوارع وعكف على التقاط القطع الحديدية. التي رماها أصحابها، والتي من الممكن استخدامها في مشروعه الفني.
ومع توسعة أعماله، بدأ يتوجه إلى باعة الخردة في الأسواق ليشتري منهم ما يلزمه بأسعار زهيدة، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية للسكان بفعل الحصار الإسرائيلي وتداعيات الانقسام السياسي الداخلي، وفقا لقوله.
أهم القضايا
وعبر مجسماته الفنية المصنوعة من الخردة، ناقش الخرطي قضايا اجتماعية، خاصة مشاكل الشباب الفلسطيني في غزة جراء الحصار الإسرائيلي المشدد والمتواصل منذ منتصف 2007.
وجسّدت إحدى مجسماته فكرة مخاطر هجرة الشباب إلى خارج غزة، حيث صنع مجسما لحقيبة سفر حديدية فارغة من الداخل.
وقال عن هذا المجسم: “عبرت من خلاله، خاصة ثقل الحقيبة، عن مخاطر وهموم الشباب الذين هاجروا ولم يجدوا الفرص التي أرادوها، وإنما تعرضوا لعدد من المخاطر”.
وفي فترة انتشار جائحة كورونا، جسّد الخرطي بأعماله تقنية التعليم عن بعد من خلال صناعة حقيبة حديدية مفتوحة تخرج منها أطراف لأجهزة إلكترونية مثل “لوحة مفاتيح الكمبيوتر”، في إشارة إلى أن أجهزة التواصل والتعليم عن بعد حلت محل الحقيبة المدرسية.
وفي أحدث أعماله، حاكى الخرطي أحلام وحياة الشباب في ظل الحصار عبر مجسم كبير يحمل شكل جسم الإنسان أطلق عليه اسم “أحلام مُعلّقة”، يتحدث عن حاجة الشباب لإعادة تدوير أحلامهم وخلق فرص جديدة في الحياة.
ويطمح الخرطي إلى توسيع مشروعه الفني والمشاركة في معارض خارج غزة.
حماية البيئة
ومشددا على أهمية النحت بالخردة بالنسبة للبيئة، قال الخرطي: “بدلا من تحلل هذه المواد والمعادن وتتسرب إلى التربة والمياه (بما يضر بالمياه الجوفية والنبات والحيوان)، يعطيها هذا الفن قيمة بما يحافظ على البيئة ويحميها”.
وفي ظل ندرة فرص العمل في غزة جراء الحصار، يعمل عشرات الفلسطينيين في بيع وشراء الخردة بأثمان زهيدة، حيث يتم تصديرها إلى إسرائيل.
واحتلت خردة الحديد في 2020 المرتبة السابعة بين أهم السلع التي تم تصديرها من الأراضي الفلسطينية بقيمة 35,088 مليون دولار أمريكي، بحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
المصدر: وكالة الأناضول